تُعَدُّ الصحَّةُ النفسيَّةُ من أهمِّ الجوانبِ التي يجبُ متابعتُها والعنايةُ بها في حياةِ الإنسان، ومن الفئاتِ التي تعاني من مشاكلَ وعقَباتٍ نفسيَّةٍ (المحَرَّرون) الذين سبقَ اعتقالُهم من أيِّ طرَفٍ أو أيِّ جهةٍ كانت؛ حيثُ إنَّهم تعرَّضوا في أثناءِ اعتقالهِم لضغوطٍ وصدَماتٍ متتاليةٍ، بل كانَ بعضُهم ينتظرُ الصدمةَ التاليةَ أو الموتَ، وفقدَ الأملَ في الخلاصِ من العذابِ الذي يُعانيهِ، ومازالت آثارُ تلك الصدَماتِ تُعايِشُهم حتَّى بعدَ أن تحرَّروا من معتقلاتهِم ولو كان خروجُهم منها منذُ مدَّة طويلةٍ، إضافةً إلى ما يعانونَهُ من مُشكلاتٍ وأزَماتٍ اجتماعيَّةٍ واقتصاديَّةٍ ونفسيَّةٍ مازالت تلاحقُهم في كثيرٍ من جوانبِ حياتهِم، كلُّ ذلك يُحتِّم أن تُمَدَّ لهم يدُ العَونِ المختصَّةِ التي تعملُ على تضميدِ جراحهِمُ الغائرةِ في نفوسهِم، ومن هنا جاءت فكرةُ برنامجٍ يعملُ على تقديمِ العلاجِ النفسيِّ والدعمِ الاجتماعيِّ لمجموعةٍ من المحرَّراتِ، وكان من جُملةِ مُخرَجاتهِ هذا الدليلُ الموجَّهُ إلى مُقدِّمي الرعايةِ النفسيَّةِ للمحرَّرينَ، وهو يهدفُ إلى:
– إيجادِ مَرجعٍ عِلميٍّ يوضِّحُ الواقعَ النفسيَّ للمحرَّرينَ وما تعرَّضُوا له من أزماتٍ وصدماتٍ نفسيَّةٍ، وكيفيَّةِ تقديمِ العلاجِ والدعمِ النفسيِّ لهم.
– إبرازِ الآثارِ النفسيَّةِ والاجتماعيَّةِ طويلةِ الأمدِ والتي تلازمُ المحرَّرَ بعد خروجهِ من السجنِ إن لم تتمَّ مساعدتُه على علاجِها.
– تطويرِ مهاراتِ العاملينَ في مجالِ الصحَّةِ النفسيَّةِ لتقديمِ خِدماتِ الصحَّةِ النفسيَّةِ للمحرَّرينَ، بحيثُ يتحوَّلُ هذا الدليلُ إلى برنامجٍ تدريبيٍّ لمن يرغبُ في تقديمِ الرعايةِ الصحِّيَّةِ لهم.
– مساعدةِ المعالِجينَ النفسيِّينَ في التعاملِ مع ردودِ الفعلِ التي يمكن أن تواجهَهم في أثناءِ العملِ مع المحرَّرين.
– مساعدةِ المعالِجينَ النفسيِّينَ للحفاظِ على صحَّتهِم النفسيَّةِ في أثناءِ العملِ مع الحالاتِ الحرِجة.
وتم الحرص على أن تكون عبارات هذا الدليل عملية تطبيقية معتمدة على النظريات النفسية دون تفصيل ذكرها، فالهدف منه أن يكون موجها عمليا لمقدمي الرعاية النفسية للمحررين وبمثابة برنامج تدريبي لهم.