بتناسق بديع.. وإبداعات تربط عراقة الماضي بأصالة الحاضر، يقارب “أحمد ” وعائلته قطع الفسيفساء مشكلاً لوحات مذهلة، تفوق بجودتها وأشكالها جودة الصور الفوتوغرافية بنقل مقتطفات من الطبيعة والحياة بأسلوب عريق.
قد يدفعك الفضول وتقترب منها، فإذا بالتفاصيل تصبح صفوفاً من حجارة صغيرة مربعة أو مستطيلة أو مثلثة، بألوان مختلفة مرصوفة بأسلوب بديع وجذاب، مشكلة زخارف أو نباتات أو حيوانات أو أشخاصًا أو أشكالاً أسطورية، تقترب أكثر محاولاً سبر جمالها، لكنك تدرك من فورك أن المشهد لا يظهر إلا عن بعد، فتعود وتتراجع وقد عرفت أن هذا الجمال ينطوي على كمال اختيار الألوان والحجارة المشذبة، ووضع الرسم الأصلي الذي ركبت عليه، فإذا التراصف الدقيق والعمل الدؤوب يولدان هذا التناغم الآسر من المشاهد التي تكاد تأخذك في عالم من السحر والخيال.
بدأ أحمد مع عائلته العمل بصناعة لوحات الفسيفساء “الموزاييك” منذ عام 2015، فهذه المهنة التي توارثوها من أجدادهم منذ عشرات السنين، تحتاج إلى الكثير من الصبر، وغالباً ما يتناوب عدة أشخاص لمدة أسبوع أو أكثر لصناعة لوحة مكتملة ومعبرة.
هذه المهنة المذهلة والجميلة هي مصدر الدخل الوحيد لأحمد وعائلته، الذين عانوا من صعوبات كبيرة رغم كل الجهد والحب اللذان يعطوهما لهذه المهنة، فالشحن والتصريف ليست كما هي في السابق، وقل تدريجياً اهتمام الناس بشكل عام بهذا الفن مع سوء الأوضاع المعيشية في الشمال السوري واختلاف الأولويات.
وصناعة الفسيفساء هو فن يتم فيه تجميع قطع صغيرة من الزجاج أو الفخار أو الحجر أو الخشب أو الخرز، وتشكيلها في لوحة فنية، وتعتبر الفسيفساء السورية من أغنى وأجمل الفسيفساء في العالم نظرا للتقنية العالية في تصنيعها وغنى الموضوعات الإنسانية والطبيعية التي تجسدها وتصويرها لأنماط الحياة البشرية على مدى الحقب الزمنية الماضية.