تزداد معاناة الأطفال في سوريا يوماً بعد يوم، بسبب التهجير وقلة الاهتمام والعمالة، وزاد على ذلك ضعف البصر لدى بعض الأطفال، حيث يعيش 90 في المائة من ضعاف البصر في العالم في أماكن يعاني فيها الناس من الدخل الضعيفة، إضافة إلى سوء نوعية المياه والافتقار إلى المرافق الصحية الضرورية، ويضاف إليها في سوريا مرارة التهجير وقساوة العيش.
فالطفل سامر البالغ من العمر 11 عاماً، هو إحدى هذه الحالات، فقد نزح مع عائلته من قرية قسطون بريف حماه، ليقيم في مخيم اللج بالقرب من مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، خرجوا من بيتهم هرباً من القصف وبحثاً عن الأمان كحال الكثير من العائلات، ضمن ظروف قاسية فقد بسببها “سامر” التواصل مع أصدقائه ممن كان يقضى معظم وقته معهم، ومدرسته التي استوعبته منذ صفوف دراسته الأولى.
تعرض الطفل سامر للعديد من الصدمات في البيئة الجديدة من أصدقائه الجدد، وتجاهله وعدم اللعب معه من أقرانه في مدرسته الجديدة التي انتقل إليها بعد نزوحه بسبب ضعف البصر لديه، إضافة لانشغال أهله عنه بسبب البحث عن مصدر جديد للدخل وتحسين المعيشة وترتيب حوائجهم بمكان إقامتهم الجديد
مرت الأيام وبدأت حالة الطفل تسوء وبات يتغيب كثيرا عن المدرسة وينعزل شيئاً فشيئاً عن أصدقائه، فلاحظ ذلك فريق إدارة الحالة في جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية، من خلال متابعتهم للأطفال في المدارس المشمولة ضمن مشروع التعليم، وتحققوا من سجلات الدوام وكان الطفل يتغيب كثيرا عن المدرسة ويأتي أحياناً مرغماً نتيجة ضغط الأهل عليه لمتابعة دراسته.
قرر فريق إدارة الحالة زيارة أسرة الطفل، وأجرى تقييماً أولياً للطفل، وفي الزيارة الثانية تم إجراء تقييم شامل لحالة الطفل، ووضعوا خطة لإعادة شغف الطفل سامر بالمدرسة واللعب ودمجته بالمجتمع الجديد، وذلك بالتنسيق والتوافق مع أسرته، ومنها إجراء جلسات توعوية للطفل والأهل والأصدقاء، وتأمين الاحتياجات الضرورية التي تساهم بدمج الطفل مع أقرانه.
تابع الفريق عمله من خلال زيارات ميدانية وجلسات مكثفة للمعلمين في المدرسة ولأسرة الطفل في المخيم، وجلسات مع الطفل وأصدقائه، إضافة إلى تنفيذ العديد من الأنشطة الترفيهية مع رفاقه، وتوصية المعلمين بالاهتمام بوضعه وارشادهم للمساهمة في إخراجه من عزلته ودمجه مع أقرانه، وتحفيزه على مثابرة دروسه، إضافة لتقديم بعض الاحتياجات الضرورية له كنظارة طبية ومستلزمات مدرسية.
اليوم الطفل سامر أكثر نشاط وحيوية، وأكثر اندماجاً مع رفاقه في المدرسة، وفي المخيم الذي يقيم فيه، يلعب ويدرس ويمارس جميع أنشطته ويزداد شغفاً بالحياة وتحقيق النجاح يوماً بعد يوم، بل تجاوز ذلك وبدأ يحلم ويفكر بطريقة للوصول إلى مستقبل يكون فيه منتجاً وناجحاً، يقدم الخدمات للناس من حوله الذين يحبهم ويحبونه.
.
.
.