بنشاط ووجه باسم مفعم بالحيوية وسط عائلة بسيطة، كانت تستيقظ الطفلة منى كل يوم لتذهب إلى مدرستها، متميزة في دروسها/ تحب التعليم وتسابق الزمن، فما ألذ عروس الزيت والزعتر وسط عائلة سعيدة وصحبة الدراسة.
لكن تغير كل شيء في لحظة، ومرت تلك الأيام كالحلم، قصفت الطائرات منطقتهم، فقد ولادها الحياة، نزحت عائلتها وشردتهم الأوضاع، تفرقوا كل في جهة، وبقيت منى وأخاها اليتيمين لدى جدتهما الطاعنة في السن.
ازداد الوضع سوءاً، منى الطفلة النشيطة التي أحبت الحياة وكان لديها أحلاماً كبيرة، تغير الآن مجرى حياتها، ساءت أحوالهم المادية، ولم يعد هناك من يعيلهم أو يهتم بهم فجدتهما تحتاج من يهتم بها، تركت منى الدراسة وتبدد حلمها فلا استطاعة لهم على تأمين مستلزمات الدراسة ولا يوجد من يشجعهم أو يشعرهم بأهمية التعليم، فلا قدرة لها على الدراسة وبات لا فارق لديها إن تعلمت أو لا.
مرت الأيام وباتت منى تقضي معظم وقتها هنا وهناك دون فائدة لمستقبلها، إلى أن شاهدت الطفلة مجموعة من الأطفال اجتمعوا حول فريق التوعية فانضمت إليهم بدافع الفضول، كانت جلسة للفريق حول التسرب المدرسي وأهمية التعليم وربطه ببناء المستقبل القريب، بتكوين الأصدقاء
بدأت منى تقترب من الفريق وتنصت باهتمام كبير، لاحظ فريق التوعية بجمعية عطاء انجذابها واهتمامها، وما إن انتهت الجلسة الجماعية حتى اصطحبوا الطفلة إلى بيتها وسمعوا قصتها، وتبادلوا معها الحديث فكانت تلك الجلسة مفتاح البداية لعودة بإصرار مفعم بالأمل لتحقيق مستقبل مشرق.
تجاوبت الجدة وحثت طفلتها على المتابعة مع الفريق وشجعتها، وتمت إحالة الطفلة الى قسم إدارة الحالة في الجمعية حيث قام القسم بتلبية جزء من احتياجاتها، إضافة لتوفير المستلزمات المدرسية لها من كتب وقرطاسية ولباس، ورافقوها في اليوم الأول إلى المدرسة وسط ترحيب من كادر المدرسة وزملائها الجدد.
اليوم منى طالبة متميزة في الصف الخامس، فهي كما أخبرنا جدتها.. تستيقظ باكراً بنشاط وحيوية وابتسامة لا تفارق وجهها، تلبس ثيابها وتحمل حقيبتها وتذهب إلى المدرسة، فقد تابع فريق الحماية حالتها ولم يتوقف عن جلسات وأنشطة التحفيز لها ولزملائها وتقديم كل المساعدات الممكنة لمتابعة تعليمهم وتفوقهم.
” أشعر الآن بأنني سعيدة في حياتي، أبدأ يومي في الذهاب إلى المدرسة بملابس جميلة وحقيبة أشعر بثقة عندما ارتديها، كنت أظن أن دراستي انتهت، لكن الآن استطيع الوصول الى المدرسة بكل سهولة مع أصدقائي” هذه كانت كلمات منى في زيارتنا الأخيرة لها.
منى حالها كحال الكثير من الأطفال التي وصلت فرقنا إليهم واستطاعت إعادتهم إلى المدرسة، لكن بالمقابل هناك ملايين الأطفال مازالوا خارج التعليم، في مخيمات عشوائية وبعيدة وفي القرى، منهم من لا يدرك أهمية التعليم ومنهم من تقف العديد من العقبات بوجههم، نحاول مع شركائنا العمل على إعادتهم للدراسة لكن الظروف والأوضاع والأعداد الكبيرة تفوق قدرتنا وتحتاج لمزيد من المساندة من المنظمات العالمية