يعمل مركز أسامة بن زيد الثقافي التابع للمراكز المجتمعية لجمعية عطاء للإغاثة الإنسانية على تنفيذ عدة مشاريع في ولاية أورفا جنوب تركيا، لدعم التنمية الاجتماعية للاجئين اللسوريين في مجتمعات اللجوء، ويركز على المشاريع التي توفر شبكة متميزة من خلال منظومة متكاملة من الخدمات الاجتماعية، والتربوية، والثقافية، والدعم النفسي، وتسهيل وصولها إلى المستفيدين بجودة عالية.
ويهدف مركز أسامة بن زيد الثقافي حسب مديره “المهندس مروان العمر” للمساهمة في تنمية المهارات الحياتية للمجتمع السوري في بلد اللجوء، وتعزيز روح المشاركة المجتمعية وتشجيع العمل التطوعي، بالإضافة إلى نشر الوعي وتعزيز التلاحم الاجتماعي عبر التعليم والتدريب، وذلك لتحسين جودة حياة اللاجئين بحيث يمكن لأي فرد أن يشارك في أنشطة المركز ويستفيد من خدماتها حيث توفر بيئة آمنة للعائلات.
وأشار العمر إلى أن الخدمات والدورات الرئيسية التي يقدمها مركز أسامة بن زيد الثقافي للاجئين السوريين في ولاية اورفا عديدة ومتنوعة تشمل التدريب على مهنة الخياطة، ومهنة الكوافير النسائي، ومهنة الحلاقة الرجالية، ودورات الحاسوب والتصميم، ودورات الإشغال اليدوية والحرفية، ودورات في الإدارة والتطوير، والتصوير والمونتاج، والخط العربي- ودورات تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها وتعليم اللغة التركية، وتعليم القرآن الكريم وعلومه، بالإضافة إلى الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية والترفيهية، والدعم النفسي لكلا الجنسين.
وأكد العمر على أهمية دور المركز من خلال الخدمات والنشاطات التي يقدمها للاجئين المتواجدين بأعداد كبيرة في مدينة أورفا، مشيراً إلى العلاقة الاجتماعية التي تجمع بين المركز والمستفيدين قبل أن تكون خدمية فهو البيت الثاني لمرتاديه، الذين يجدون فيه دعماً لاحتياجاتهم التعليمية والثقافية والاجتماعية.
وأضاف العمر أن أهم الصعوبات والتحديات التي تواجه المركز هو عدم استقرار إقامة اللاجئين في مكان معين، وهذا يشكل عائق كبير للوصول إليه، إلى جانب قلة عدد المراكز المجتمعية الذي يسبب ضغطاً كبيراً على المركز وكادره، والأوضاع المعيشية الصعبة اللاجئين حيث يعاني معظمهم من قلة الدخل والعمل، وهذا يسبب عبئاً مالياً على المركز من حيث الحاجة المستمرة لتوفير كافة المستلزمات التدريبية والتعليمية لهم.
وفي ظل انتشار فيروس كورونا تأثر سير العمل في المركز حيث تم فرض الإغلاق لفترة قصيرة من قبل الدولة التركية لحفظ سلامة اللاجئين والعاملين، مما اضطر المركز للانتقال إلى الخطة البديلة وهي التعليم عن بعد، حيث قام المركز بتأهيل كوادره بحيث يستطيعون متابعة سير التعليم وتقديم الخدمات ولاسيما النظرية منها عن طريق وسائل التواصل الإلكترونية.
ونوه العمر إلى أن المركز اتخذ كامل التدابير الوقائية للحد من انتشار الفيروس، وأشار إلى الالتزام بتعليمات السلامة المحددة من قبل وزارة الصحة، حيث تم تعقيم جميع مرافق المركز بالإضافة إلى فحص وتعقيم المتدربين والعاملين قبل دخولهم للمركز والمحافظة على التباعد الاجتماعية في جميع الأنشطة والدورات التي يتم عقدها داخل المركز.
وتلعب المراكز المجتمعية دوراً هاماً في استقطاب السوريين بمختلف فئاتهم وأعمارهم حيث يقدم لهم الخدمة حسب ظروفهم وحاجياتهم وأولوياتهم بما يتناسب مع إمكانيات المركز.
واستفاد من خدمات ونشاطات المركز منذ بداية تأسيسة عام 2017 أكثر 20890 شخصًا.
من جهته أكد “خالد أسامة” أحد المستفيدين من مركز أسامة بن زيد الثقافي، حيث نزح من مدينة حمص السورية واضطر لمغادرة بيته بسبب ظروف الحرب والأوضاع المعيشية الصعبة، ونزح لمدينة الرقة لانها كانت المنفذ الوحيد أمامه، وخلال فترة قصيرة توجه إلى مدينة تل ابيض ودخل إلى الأراضي التركية بشكل إنساني مع عائلته، حيث استقر به الحال في ولاية أورفا جنوب تركيا لأنها كانت الاقرب إلى الحدود السورية وأيضا بسبب وجود عدد كبير من السوريين.
وأضاف خالد قائلا: عندما وصلت لمدينة اورفا كنت بحاجة ماسة للعمل من أجل إعالة عائلتي، لم يكن لدي أي دخل مادي، فقرأت إعلان على منصات التواصل الاجتماعي لدورة تعليم مهنة الحلاقة في مركز أسامة بن زيد الثقافي، فتقدمت لحضور الدورة المكثفة لتعلم أساسيات الحلاقة الرجالية وكان هدفي من الالتحاق بالدورة تعلم مهنة تساعدني على إعالة نفسي وعائلتي.
وقال خالد أسامة وأخيراً التحقت بدورة الحلاقة في مركز أسامة، كانت التجهيزات كلها كاملة والمدرب على درجة عالية من الاتقان وأسلوبه متميز في تعليم المهنة، وخلال أشهر من التعلم حصلت على شهادة مهنة الحلاقة من مركز أسامة بن زيد الثقافي وفي النهاية أشعر بسعادة غامرة لتحقيق حلمي حيث وجدت عملاً في أحد صالونات الحلاقة بولاية اورفا، وما زلت أعمل به منذ سنتين والآن آرى ثماره امامي، أشكر إدارة مركز أسامة بن زيد الثقافي والعاملين والمدرب الذين كانوا سبباً في تغيير حياتي للافضل.
وقالت “ملاك العلي” أحد المستفيدات من مركز أسامة بن زيد الثقافي، نزحت من مخيمات الشمال السوري بسبب الحرب، وانتقلت للعيش إلى تركيا بولاية أورفا، كنت بحاجة ماسة للعمل فبدأت بالبحث عن أي فرصة فلم أجد، فقررت أن اتعلم مهنة تساعدني على إعالة نفسي وعائلتي.
وأضافة “ملاك” منزلي كان بجوار المركز، فذهبت إلى زيارته للتعرف على ما يقدمه من خدمات ودورات، فوجدت إعلان عن دورة للخياطة ستبدأ خلال أيام، فسجلت بها وبدأت بالتعلم على يد مدربة مختصة، وخلال أشهر تعلمت مهنة الخياطة كالتفصيل، والقص، والدرزة، والحبكة، وأصبحت أتقن الخياطة بشكل ممتاز وبعدها بدأت العمل من منزلي، والآن أعمل في مشغل للخياطة أصبحت أعتمد على نفسي في تأمين الاحتياجات الأساسية لعائلتي.
وذكرت ملاك العلي أنها تعمل على تطوير مهاراتها حيث سجلت مؤخراً في دورة لتصميم الازياء والتي سيقيمها مركز أسامة بن زيد عما قريب.
وأثنت “ملاك” على الجهود التي تبذلها إدارة مركز أسامة بن زيد في تعزيز صمود اللاجئين من خلال الخدمات الثقافية والتدريبية والتعليمية التي تقدمها لنا، أشكر جميع الكادر التدريبي الذي ساعدنا على تعلم مهنة الخياطة، الحمد لله الآن أشعر بسعادة كبيرة لأني أصبحت أتقن الخياطة فقد كانت سبباً في تغيير أوضاعي المعيشية.
يذكر أن جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية تعمل منذ تأسيسها عام 2013 على بناء وتنمية المجتمع من خلال مراكزها المجتمعية التي كانت سبباً في تغيير حياة الكثير من اللاجئين السوريين في تركيا.